عموما تعتبر الملكية العقارية المجال الخصب لنشوب العديد من النزاعات بين الأفراد، سواء تعلق الأمر بالعقار المحفظ أو في طور التحفيظ أو العقار غير المحفظ، وكل نمط من هذه الدعاوى يجب تأييده بالموجبات القانونية اللازمة، واثبات الحق المطالب به بالبينة الشرعية الدالة عليه دلالة نافية للجهالة، لأن الحق من الناحية القانونية يعتبر موجودا بوجود ما يثبته، ويعتبر غير قائم بانعدام ما يثبته
فإذا كان العقار المحفظ لا يطرح إشكالا كبيرا ما دام إثباته الأخذ في هذا الإطار بالسجلات العقارية يسهل من عمل القضاء في فض النزاع، سيما ان العقارات المحفظة تقوم على مبدأ العينية القاضي بأن كل ما ضمن بالرسم العقاري فهو حجة قطعية على ما يثبه[1]
غير أنه عادة ما يدلي كلا الطرفين المتخاصمين أمام القضاء بوثائق وحجج تثبت صحة ادعاءاته وتفند ادعاءات خصمه، وفي هذه الحالة قد يصعب في كثير من الأحيان على القاضي العقاري الفصل في النزاع المعروض عليه، نتيجة وجود تعارض بين حجج المتنازعين، مما يقضي معه بالنسبة للقاضي ضرورة ترجيح إحدى تلك الحجج على غيرها والحكم بموجبه لصالح أحد طرفي النزاع[2]
ومن هنا ظهرت الحاجة لإيجاد اليات قانونية يتم بموجبها ترجيح أحد الأدلة على حساب الاخر، وهو نفس الأمر بالنسبة للدليل الرقمي الذي يخضع لهاته الوضعيات ما دام التشريع المغربي لم يحدده بقواعد خاصة تراعي خصوصيته
وعليه سنحاول بسط قواعد الترجيح التي جاء بها الاجتهاد القضائي المغربي في إطار المبادئ المستقرة للمذهب المالكي ومدى إمكانية اعمالها على المستندات الرقمية (المطلب الثاني)، لكن قبل ذلك لابد من الوقوف عن الضوابط التي يعمل بها القاضي العقاري لترجيح الدليل الرقمي (المطلب الأول)