18 SECTEUR 5 AV OMAR IBN KHATTAB MASSIRA 2, Temara 12000


Oubbajeddiavocate@gmail.com

+212 661-861285
+212 537-580408

حماية الأجير بين الواقع والقانون

مقدمة :

يعتبر الأجير  محور المقاولة فبه تزدهر المقاولة وتتقدم ، فهو أساس المقاولة التي يشتغل فيها فبه تقوم المقاولة  أو تنهار فالأجير هو المقاولة والمقاولة هي الأجير .

لذلك عملت مختلف التشريعات الإجتماعية الدولية بما في ذلك التشريع الوطني على حماية الأجير والعمل على توفير أقصى الضمانات القانونية لحمايته من تعسف بعض أرباب العمل نظرا لما للأجير من دور مهم في تنمية الإقتصاد وفي نفس الوقت نظرا لموقعه الضعيف داخل المقاولة .

إننا عندما نطالع النصوص القانونية سوف نرى مدى الحماية الكبيرة التي أوجدها المشرع المغربي للأجير ، لكننا عندما نطل على الواقع سوف نتفاجأ بمدى الحيف والإكراهات التي يواجهها الأجير سواء في علاقته المهنية التي تربطه بمشغله أو من خلال تعرضه للطرد التعسفي ولجوئه للجهات التي أعطها  لها المشرع مهمة حماية الأجير من بطش المشغلين ومن هنا ينبثق السؤال الرئيسي .ماهي مظاهر حماية الأجير في مدونة الشغل  ؟

من خلال هذا السؤال الرئيسي تنبت منه بعض الأسئلة الفرعية وهي :

ماهي أوجه حماية الأجير في القانون الإجتماعي ؟مدى فعالية القانون الإجتماعي   ؟

سوف نحاول الإجابة عن هذه الأسئلة وفق التصميم الأتي :

المبحث الأول : حماية الأجير في القانون الإجتماعي 

المبحث الثاني : فعالية القانون الإجتماعي

المبحث الأول : حماية الأجير في القانون الإجتماعي

يتمتع الأجير بحماية قوية من طرف النص القانوني الاجتماعي ، ولذا فإن المشرع قد أحاطه أي الأجير بمجموعة من القوانين ومساطر الحماية حفاظا على مصالحه وضمانا للإستقرار الإقتصادي والإجتماعي خاصة أن أغلب الأجراء يعتمدون بشكل أساسي على الأجرالذي يتلقونه من مشغلهم مقابل العمل الذي يقومون به وبالتالي فإن هذا الأجر هو المورد الرئيسي في حياتهم ومصدر رزقهم الوحيد ولهذا فإن أي فقدان لهذا المصدر قد يهدد وضعهم الإجتماعي والإقتصادي  وكذلك وضعهم النفسي مما قد يؤدي إلى غياب الأمن الإجتماعي داخل الدولة .

لذا سوف نتحدث من خلال هذا المبحث عن تنظيم العمل داخل المقاولة ( المطلب الأول ) وحماية الأجير من الطرد التعسفي ( المطلب الثاني ).

المطلب الأول : تنظيم العمل داخل المقاولة

عمل الأجير داخل المقاولة لا يخضع للعشوائية ومزاجية المشغل بل هو عمل تدخل المشرع لتنظيمه فأخضعه لنصوص قانونية صارمة يستوجب على المشغل احترامها والأخذ بها وإلا تعرض للردع و كما نعلم جميعا أن للمشغل سلطةعلى الأجير غير أن هذه السلطة محدودة وتخضع للقانون ورقابة القضاء حتى لا يكون المشغل متعسفا في حق أجرائه .

إن تدخل المشرع لتنظيم العمل داخل المقاولة له مظاهر عدة غير أننا سوف نقتصر فقط على ساعات العمل (الفقرة الأولى ) وصحة وسلامة الأجير داخل المقاولة ( الفقرة الثانية ).

الفقرة الأولى : ساعات العمل

نظم القانون الإجتماعي ساعات العمل التي ينبغي على الأجير أن يشتغلها دون أن يتعسف عليه المشغل في ذلك ، فحدد الساعة القانونية في 2288 ساعة في السنة أي ما يعادل ما معدله 44 ساعة في الأسبوع بالنسبة للقطاعات غير الفلاحية أما في في القطاع الفلاحي فقد حدد المشرع ساعات العمل القانونية في 2496 في السنة  لنا أن نعرف الساعة بأنها تلك الفترة أو المدة التي يضع من خلالها الأجير نفسه رهن إشارة المشغل ، ويمكن توزيع هذه المدة حسب حاجيات المقاولة دون أن تتجاوز عشر ساعات في اليوم وطبقا للمرسوم 2.04.569 الصادر بتاريخ 29 دجنبر 2004 المتعلق بتحديد إجراءات تطبيق المادة 184 من مدونة الشغل فإنه يمكن للمشغل أن يعتمد نظام التوزيع الأسبوعي أو نظام التوزيع السنوي لمدة الشغل، غير أن المادة 184 المحددة للمدة العادية للشغل تريد عنها بعض الإستثناءات نجد منها :

حالة الشغل المنقطع أو الضروري أو المستعجل ، ويقصد بالشغل المنقطع الشغل الذي يتوقف لفترات معينة كالعامل في محطة البنزين ، أما الشغل الضروري فيقصد به الشغل التحضيري أو التكميلي الذي لا غنى عنه لنشاط المؤسسة مع استحالة انجازه في حدود مدة الشغل العادية  كالعمال المكلفين بصيانة الآلات ، أما الشغل المستعجل فيقصد به العمل الذي تقتضي الضرورة انجازه فورا من أجل تجنب أخطار وشيكة.

و نظرا للطبيعة الخاصة لهذه الأشغال فإن المشرع أجاز تمديد ساعات العمل العادية طبقا للمادتين 190 و 192 من مدونة الشغل ، مقابل ذلك نجد أن المشرع المغربي قد أعطى للمشغل إمكانية تخفيض ساعات العمل في حالة إذا كانت المقاولة تمر بظروف إقتصادية خانقة فإنه يمكن تخفيض ساعات العمل بالاتفاق مع مندوب الأجراء أو الممثل النقابي في حالة إذا كانت المقاولة تشغل مابين عشرة وخمسين أجيرا وكانت المدة المزمع تخفيضها هي ستون يوما ، أما في حالة إذا كانت المقاولة تشغل أكثر من خمسين أجيرا وكانت المدة المزمع تخفيضها هي أكثر من ستين يوما فإن المشغل لا يتخذ إجراء التخفيض من ساعات العمل القانونية إلا بعد استشارة مندوبي الأجراء أو الممثل النقابي مع إخبارهم بمدة أسبوع وفي حالة عدم الإتفاق فإن قرار تخفيض ساعات العمل لا يتم إلا بموافقة من العمالة .

الفقرة الثانية : صحة وسلامة الأجير داخل المقاولة

الصحة تاج الإنسان وهي الرأسمال الحقيقي للإنسان ، لذلك نجد أن المشرع في مدونة الشغل قد أولى لها اهتماما خاصا فشدد على ضرورة احترام معايير الصحة والسلامة داخل المؤسسات الصناعية ، وبما أن الأجير يعتبر صحته هي الرأسمال الحقيقي له والذي يعول عليه حتى يجلب رزقه  لذا فإذا فقد صحته أو تدهورت فقد مصدر رزقه أي فقد عمله وبالتالي أصبح معرضا للضياع والتشرد خاصة إذا علمنا أن الغالبية العظمى من الأجراء يقدمون مجهودهم البدني عندما يشتغلون عند أحد أرباب العمل .

لذلك نجد أن المشرع قد خصص في مدونة الشغل أكثر من عشرين مادة للصحة والسلامة قصد حماية الأجير من المخاطر التي قد يتعرض لها لا قدر الله أثناء مزاولته للعمل ، ومن هذه المواد نجد المادة 24 التي تلزم المشغلين على أن يوفروا الوسائل اللازمة لحماية صحة الأجراء ودرء الخطر عنهم داخل المقاولة من أجل صون كرامتهم وتبعا لذلك فإن المشغل ملزما للقيام بما يلي :

تحسين ظروف أماكن العمل : وذلك من خلال تهوية المكان والحرص على نظافته بصفة دائمة وتوفير الماء الصالح للشرب وتجنب الحرارة المفرطة .

منع استعمال بعض الآلات والمواد التي تشكل خطرا على صحة الأجير : وذلك من خلال التكوين المسبق للأجراء ونشر التوعية حول كيفية استعمال تلك الآلات بطريقة صحيحة  ولصق إعلانات في أماكن العمل تبين الاستعمال الصحيح للآلات والخطورة التي يمكن أن تنجم عنها في حالة عدم استعمالها بشكل صحيح  وعن بعض المواد كالمواد الكيماوية التي قد تؤدي مع الإستعمال المتكرر إلى هلاك صحة الأجير.

تعين طبيب الشغل داخل المقاولة:

دوره وقائي ومراقبة المشغل على مدى احترامه للتدابير الصحية في حق أجرائه ومراقبة صحة الأجراء عن قرب طبقا للمادة 318 من مدونة الشغل.

المطلب الثاني : حماية الأجير من الطرد التعسفي

أحيانا قد يجور المشغل على الأجير فيطرده بشكل تعسفي وذلك لحسابات شخصية ودون أن يكون الأجير قد ارتكاب  فعلا أي خطأ جسيم يعرضه للطرد.

والطرد التعسفي لم يعرفه المشرع المغربي بشكل دقيق مثله كمثل الخطأ الجسيم ، بل ترك الباب واسعا أمام الفقه والقضاء ليدلوا بدلوهم ، لذا فإنه يمكن لنا أن نعرف الطرد التعسفي بكل بساطة هو طرد المشغل للأجير بصفة غير شرعية .

إن الطرد التعسفي تتنوع حالاته فقد يكون طردا تعسفيا ناتجا عن سبب شكلي ( الفقرة الأولى ) أو قد يكون سببه موضوعي ( الفقرة الثانية ) ومهما كانت حالات الطرد التعسفي فإن المشرع أقر له تعويضات مالية مهمة تختلف باختلاف أقدميه الأجير حماية للأجير وصونا لكرامته ( الفقرة الثالثة ).

الفقرة الأولى : الطرد التعسفي الناتج عن سبب شكلي

يقصد  بالطرد التعسفي الناتج عن سبب شكلي هو ذلك الطرد الذي لم تحترم فيه مجموعة من الإجراءات الشكلية التي تعتبر بمثابة قواعد أوجبها القانون ويتعين على المشغل إتباعها واحترامها أثناء لجوئه إلى مسطرة فصل الأجير، ومن هذه القواعد :

عدم احترام أجل الإخطار:  لقد حدد المشرع أجالا للإخطار الذي يتعين على المشغل احترامه وإلا اعتبر طرده للأجير طردا تعسفيا من جانبه الشكلي ، ومدة الإخطار تختلف باختلاف ما إذا كان الأجير إطارا أو مستخدما أو عاملا وهي على الشكل التالي :

بالنسبة للأطر وأشباههم حسب الأقدمية :

أقل من سنة …… شهر واحد

من سنة إلى خمس سنوات …… شهران

أكثر من خمس سنوات ……. ثلاثة أشهر

بالنسبة للمستخدمين والعمال حسب أقدميتهم :

أقل من سنة …… ثمانية أيام

من سنة إلى خمس سنوات …….. شهر واحد

أكثر من خمس سنوات …….. شهران

الإعفاء لأسباب إقتصادية أو تكنولوجية أو هيكلية :

لقد خص المشرع لهذه الأسباب فرعا منفردا في مدونة الشغل وتناولها من خلال الفصول 66إلى 71 من مدونة الشغل .

والفصل لأسباب إقتصادية هو الذي يكون نتيجة حذف أو إلغاء الوظيفة أو العمل بالمؤسسة التي كان الأجير يشتغل بها .

وهذا الفصل لا يمكن للمشغل القيام به سواء كان الفصل كليا أو جزئيا إلا بعد قيامه بإخطار أو إشعار قبل شهر على الأقل من بدء مسطرة الفصل مندوبي الأجراء والممثلين والنقابين وفئات الأجراء المعنية بالأمر ، هذا في حالة إذا كانت المقاولة تشغل أقل من خمسين  أجيرا أما إذا كان العدد يزيد عن ذلك فإن المشغل يتعين عليه إشعار لجنة المقاولة التي  تحل محل مندوبي الأجراء والنقابيين  ولا يمكن للمشغل أن يلجأ إلى الفصل لأسباب إقتصادية أو تكنولوجية أو هيكلية إلا بعد حصوله على إذن كتابي من طرف عامل العمالة أو الإقليم داخل أجل لا يتعدى شهرين.

مسطرة الفصل التأديبي : إذا ارتكب الأجير خطأ جسيما استوجب معه الطرد فإن المشغل ملزم باحترام مسطرة الفصل من العمل وعليه فإن المشغل ملزما باتخاذ مجموعة من الإجراءات وإلا اعتبر طرده للأجير طردا تعسفيا ، ومن هذه الإجراءات :

تسليم مقرر الفصل إلى الأجير خلال أجل لا يتعدى 48 ساعة من تاريخ ارتكاب الخطأ الجسيم ويسلم المقرر يدا بيد أو بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل مع توجيه نسخة من ذلك المقرر إلى مفتشية الشغل.

الإستماع إلى الأجير ومنحه فرصة للدفاع عن نفسه بحضور مندوب الأجراء وأحد الأجراء خلال أجل لا يتعدى 8 أيام  من تاريخ  ارتكاب الخطأ الجسيم .

الفقرة الثانية : الطرد التعسفي الناتج عن سبب موضوعي

كما أسلفنا سابقا فإن المشرع حدد في المادة 39 من مدونة الشغل مجموعة من الأخطاء الجسيمة التي يمكن أن يقع الأجير فيها وهي أخطأ ذكرت من قبل المثال لا الحصر وعليه فإن المشغل قد يتعسف في حق الأجير ويطرده من عمله على أساس أنه ارتكب خطأ جسيما لذلك نجد بعض الفقهاء يقسمون الأخطاء الجسيمة إلى أخطأ جسيمة وأخطأ غير جسيمة فالخطأ  غير الجسيم هو الخطأ الذي يرتكبه الأجير دون قصد وحدوثه لا ينتج عنه  أضرارا بليغة  كاستعمال الهاتف أثناء العمل أو تعطيل آلة الإنتاج دون أن ينتج عن ذلك ضررا بليغا للمقاولة أو النوم أثناء العمل.

في حالة إذا قام المشغل بطرد الأجير لكونه ارتكب خطأ غير جسيما فإن ذلك لا يعد سببا كافيا لطرده من العمل ويعتبر طرده هذا  طردا تعسفيا والعمل القضائي يكيف الطرد الناتج عن خطأ غير جسيم طردا تعسفيا .

الفقرة الثالثة : تعويض الأجير عن الطرد التعسفي

كما أسلفنا سابقا فإن عدم احترام المشغل لمسطرة الفصل أو قيامه بطرد الأجير من العمل من دون أن يرتكب أي خطأ يستلزم توقيع الطرد فإن طرده هذا يعتبر طردا تعسفيا ويجب على المشغل أن يعوض الأجير

إن التعويض الذي يستحقه الأجير قد يكون عن طريق الصلح أو عن طريق القضاء .

التعويض عن طريق الصلح  : هو ذلك التعويض الذي يتفق عليه بين الأجير والمشغل دون اللجؤ إلى مسطرة التقاضي ، والتعويض الذي يتم عن طريق الإتفاق قد يتم بين الأجير والمشغل و يتم بدون وساطة أي بدون  تدخل من  أي جهة خارجة ويسمى هذا الصلح بالصلح المباشر  ،  أوقد يتم هذا الصلح بتدخل من مفتش الشغل الذي يلعب دورا بارزا في تفعيل مقتضيات القانون الإجتماعي.

التعويض عن طريق القضاء : هذا التعويض يمنح بموجب حكم قضائيبعد اقتناع المحكمة بجدية الفصل والتعويض الذي تحكم به محكمة الموضوع لا يعتبر من النظام العام بمعنى أن المحكمة تتقيد بالطلبات المرفوعة أمامها فقط  ولا يمكن لها أن تبت في أكثر من ذلك .

ويمكن لنا أن نجيز التعويضات التي يستحقها الأجير عن الطرد التعسفي حسب ما هو منصوص عليه في مدونة الشغل فيما يلي :

  • التعويض عن الفصل : هذا التعويض يمنح للأجير الذي اشتغل في مقاولة ما لمدة لا تقل عن ستة أشهر وهو ما يعادل حسب المادة 53 من مدونة الشغل عن كل سنة أو جزء من السنة من الشغل الفعلي مايلي :

96 ساعة من الأجرة ….. خمس سنوات من الأقدمية

144 ساعة  من الأجرة  …… مابين 6 و 10 سنوات من الأقدمية

196 ساعة من الأجرة ……. ما بين 11 و 15 سنة من الأقدمية

240 ساعة من الأجرة ……… الأقدمية التي تزيد عن 15 سنة

ويرفع هذا التعويض إلى 100% في حالة إذا كان الأجير مندوبا للأجراء أو كان الأمر يتعلق بالممثلين النقابين

  • التعويض عن عدم الإخطار : يمنح للأجير تعويضا يساوي الأجر الذي كان سيتقاضاه لو استمر في عمله.
  • التعويض عن الضرر : تم التنصيص عليه في المادة 41 من مدونة الشغل ويمنح على أساس شهر ونصف عن كل سنة عمل أو جزء من السنة دون أن يتعدى سقف التعويض 36 شهرا ، لذلك فإن المدة التي تفوق 36 شهرا فإن الأجير لا يستحق عنها أي تعويض .
  • التعويض عن فقدان الشغل : تم التنصيص عليه في المادة في المادة 59 من مدونة الشغل ، غير أن هذا التعويض لم يمنح من طرف المحاكم منذ دخول مدونة الشغل حيز التطبيق  حيث جاء في قرار قضائي مايلي ” …. ولأن المادتان 53 و 59 من مدونة الشغل تنصان على حق الأجير في حالة فصله عن عمله في الحصول على تعويض عن فقدان الشغل ، إلا أنه ونظرا لكون مدونة الشغل لم ترد فيها أية تفاصيل حول طريقة تقدير هذا التعويض على غرار باقي التعويضات الواردة في المدونة والجهة التي سيعهد إليها أداء التعويض فإن الحكم بهذا التعويض يبقى سابقا لأوانه إلى حين صدور قانون تنظيمي بشأنه ”.

المبحث الثاني : فعالية القانون الإجتماعي

عندما نطالع النصوص القانونية التي جاءت بها مدونة الشغل فإننا نقول بكل فخر أنها مكسب تشريعيا في المنظومة القانونية المغربية ، لكننا عندما نطالع الواقع سوف نجد أن تطبيق مدونة الشغل على أرض الواقع يواجه عدة عراقيل سواء تعلق الأمر بغياب الوعي لدى الأجراء ( المطلب الأول ) أو وجود خصاص في  الموارد البشرية ( المطلب الثاني).

المطلب الأول : غياب الوعي لدى الأجراء

غياب الوعي لدى الأجراء ولدى الأشخاص الذين يشملهم نطاق تطبيق مدونة الشغل هي العقبة الأولى التي تواجه مدونة الشغل في تحقيق هدفها المنوط بها ألا وهو حماية الأجير أولا وأخيرا وتحقيق نوع من التوازن بين الأجير والمشغل .

لذا فإن الأجير الذي يتعرض للطرد التعسفي من طرف مشغله يجد نفسه تائها ولا يدري أي مسلك يمشي فيه كالشخص الذي يتيه في الصحراء ولا يدري أي طريق يخرجه للأمان فيجد الأجير نفسه تائها بين المساطر القانونية التي يتوجب عليه إتباعها وذلك إذا افترضنا أنه يعلم بتلك المساطر ، أما إذا كان غير ذي علم بها فإنه يبقى مكتوف الأيادي ولا يدري ما يقدمه ولا ما يؤخره ، فتبقى بعض الأفكار المسبقة مسيطرة عليه  فيظل جامدا في مكانه فيضيع في حقه ويذهب أدراج الريح .

المطلب الثاني : الخصاص في الموارد البشرية

الخصاص أو قلة الموارد البشرية هي المشكل العويص الذي تعاني منه الإدارة المغربية بصفة عامة والمرفق القضائي بصفة خاصة وهذا ما يشكل عبئا كبيرا على الجهاز القضائي مما يجعل الدعاوى القضائية تطول وتطول … حتى يظن الأجير المتقاضي أن حقه ضاع وذهب سودا .

إن الجهاز القضائي يعاني من الشيخوخة التي بدأت تزحف على هياكله ، فأغلب القضاة فاق سنهم خمسون سنة أضف على ذلك أنه هناك من يلجأ إلى التقاعد النسبي أو يفضل الإلتحاق بالإدارة المركزية نظرا لغياب التحفيزات من قبل وزارة العدل ، ولا ننسى كذلك مفتشية الشغل التي تعاني من خصاص حاد في مواردها البشرية ، وهذا ما يجعل الأجير يتيه بين المساطر القانونية ودولاب الإدارة فيجد نوعا من الإجحاف وغياب باب الحوار والإرشاد وسعه الخاطر حتى يعتقد أنه فعلا سلك طريقا غير صحيحا

خاتمة:

في الختام ما علينا إلا أن نشيد بالمشرع الذي أخرج لنا هذا الصرح القانوني أي مدونة الشغل بعد مخاض طويل إلى الوجود وإن كانت توجد بها بعض الثغرات القانونية والتي نتمنى أن يتم تداركها مستقبلا .

لكن ما يجب أن نأكد عليه هو إيجاد حل للخصاص المهول الذي يعاني منه المرفق القضائي عن طريق فتح مباريات لتوظيف قضاة جدد لهم كفاءة وضمير مهني وذلك من أجل تخفيف العبء على الجهاز القضائي وتقليص المدد الزمنية من أجل البت في نزاعات الشغل .

بقلم الأستاذة وفاء أب جدي محامية بهيئة الرباط

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *