:مقدمة
إن الهدف الأسمى الذي تصبو إليه التشريعات الإجرائية الجنائية هو أن يصيب القاضي الحقيقة في حكمه، هذه الحقيقة لا يمكن الوصول إليها إلا بعد البحث عنها وثبوتها بالأدلة ،والتوصل إلى تبوثها و إسنادها ماديا و معنويا للمتهم
فالإثبات الجنائي هو إقامة الدليل على وقوع الجريمة ونسبتها لمرتكبها، هذا الإثبات يقوم على مجموعة من المبادئ أهمها مبدأ حرية الإثبات التي نص عليها المشرع المغربي في المادة 286 ق.م.ج
كما أن عبء الإثبات يقع على عاتق النيابة العامة و المشتكي في مواجهة المتهم الذي يكفيه التمسك بالمبدأ العالمي الأصل في الإنسان البراءة
و تخضع وسائل الإثبات المتنوعةلمبدأ الإقناع الوجداني للقاضي والتي لا يعتمد عليها في بناء حكمه إلا إذا أدت إلى تكوين قناعته الصميمية، وذلك يجعله مطمئنا وجازما على إسناد وقوع الفعل الجرمي بجميع أركانه للمتهم بارتكابه شريطة تبرير هذا الاقتناع الذي وصل إليه في حكمه.
ويعتبر الاعتراف أهم وسائل الإثبات في المادة الجنائية التي يمكن للقاضي أن يبني عليها مقرره القاضي بالإدانة، إذ يمكن أن يكون هذا الاعتراف معف للإثبات خاصة إذا استوفى جميع الشروط ويغني المحكمة عن الاستماع إلى شهادة الشهود و إجراء التحقيق اللازم في القضية. وقد مر الاعتراف وحجيته في الإثبات من مجموعة من المراحل التاريخية التي عرف خلالها عدة تقلبات إلى أن استقر على الطبيعة الحالية، إذ حاز منذ زمان أهمية في منظومة أدوات الإثبات في المادة الجنائية، وقد كان العنف والتعذيب السمة البارزة له خاصة في العهد الفرعوني الذي طغى البعد البدني على الحياة بصفة عامة لضمان إضافة نوعية السلطة التي يتمتع بها الإله فرعون
أما بخصوص حكم الرومان وحكم الإغريق اللذان عرفا بالتسلسل المجتمعي السائد آنذاك فإن استنطاق واستجواب المتهم يختلف حسب الطبقة التي ينتمي إليها المتهم
وقد كان الاعتراف سواء في النظام الاتهامي السائد في انجلترا وفي النظام التنقيب والتحري السائد في فرنسا فالاعترافات كانت تنتزع بالعنف والتعذيب ومع ذلك تقبل كدليل للإدانة أمام القضاء دون أي شك ، إذ عرف الاعتراف بسيد الأدلة
وبقي الأمر هكذا حتى منصف القرن 18 حيث نادى الكتاب ورجال الفكر بمناهضة الوسائل الوحشيةونادوا بمبدأ الاعتراف الاختياري وعدم الاعتداد باعتراف المتهم عند ثبوت انتزاعه بطرق التعذيب وهكذا ظهر مبدأ الأصل في الإنسان البراءة الذي نادت به مختلف الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان
أما في الشريعة الإسلامية فيعتبر الاعتراف وسيلة من وسائل لإثبات من خلال مجموعة من الآيات القرآنية » َأَنا َراَوْدتُُه َعْن َنْفِسِه َوإَِّنُه َلِمَن ال َّصاِدقِيَن « و كذلك الآية « …وآَخرونَ اعترَُفوا بُِذُنوبِِهمْ « و كذلك قوله تعالى » َفاعتَرُفوا بَِذْنبِِهم َفسحقا َِلأصحابِ السعيرِ »
كما أن السنة النبوية و السيرة النبوية بهما ما يؤكد كون الاعتراف وسيلة من وسائل الإثبات وستقتصر على قصة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها( قال فغدا عليها فاعترفت، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمت
وقد أجمع علماء الأمة الإسلامية في جميع المذاهب الفقهية على اعتبار الإقرار سواء في الحدود أو غيرها وسيلة من وسائل الإثبات وأن المقر يؤاخذ بإقراره كحجة عليه.
ومع ظهور النداءات الأولى لمنظومة حقوق الإنسان ضرورة احترامها أصبحت البشرية تسعى إلى ضمان السبل الكفيلة بصياغة وحماية الحريات والحقوق، ولما كان الاعتراف مرتبط بمصير حرية الفرد فقد كان لزاما أن تتوجه الجهود الحقوقية إلى … على عدم الاعتداء بالاعتراف الناتج عن الإكراه أو التعذيب مع منح القضاء وحده سلطة تقدير اعتراف المتهم إضافة إلى وضع آليات قانونية تجرم عملية التعذيب أثناء الاستنطاق كوسيلة لا تتنازع الاعتراف ،هكذا امتدت هذه القواعد لتصبح مبادئ عالمية منصوص عليها في مواثيق دولية و الإقليمية
هذا التطور الحقوقي والتشريعي على المستوى الدولي ألزم الدول مراجعة تشريعاتها من أجل ملاءمتها مع هذه الاتفاقيات، ومن بين هذه التشريعات التشريع المغربي الذي نص على عدم الاعتداد و بالاعتراف الذي تبث انتزاعه بالعنف و الإكراه مع اعتبار هذا الاعتراف خاضع للسلطة التقديرية للقضاة فموضوع عرضنا يتعلق بحجية الاعتراف أمام القضاء الجنائي محاولين الإجابة عن الإشكال الذي يطرحه الموضوع و المتمحور حول
حدود السلطة التقديرية للقاضي الجنائي في تقدير حجية الاعتراف في الإثبات الجنائي؟ هذا الإشكال يتفرع منه مجموعة من الأسئلة الفرعية لعل أهميتها
؟ ما هي الأحكام العامة للاعتراف في الإثبات الجنائي ؟ وما حجيبة الإعتراف القضائي ةالإعتراف غير القضائي ؟ وهل تخضع السلطة التقديرية للقاضي الجنائي لرقابة معينة ؟
:أهمية الموضوع
يكتسي الاعتراف أهميته من الأهمية الكبرى التي تتمتع بها نظرية الإثبات في المادة الجنائية بصفة عامة للفصل في تقرير مصير المتهم المقرر ،باعتباره وسيلة من وسائل الإثبات وبالتالي فإن أهمية الموضوع تتجلى في ارتباط الاعتراف بحرية الأفراد كحق من حقوق الإنسان
كما تبرز أهمية البحث إلى أن المتهم المعترف هو بشر خاضع لعدة مؤشرات بعضها مادي وبعضها معنوي قد تؤثر في صحة الاعتراف
وتتمثل أهمية البحث كذلك في كون الاعتراف إذا توفرت فيه كل شروطه يسهل إجراءات الدعوى العمومية و الفصل فيها – إلى حد ما
وأهمية الاعتراف كدليل من الناحية العلمية كباقي وسائل الإثبات لا يعتبر دليل مقدسا فهو خاضع للاقتناع الصميم للقاضي الجنائي وسلطته التقديرية
الاتفاقيات الدولية وبعض القواعد القانونية في التشريعات الأخرى كلما اقتضت الدراسة ذلك، مستحضرين آفاق التعديل التشريعي لقانون المسطرة الجنائية من خلال مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية .
وفي المبحث الثاني حاولنا الوقوف على حجية الاعتراف أمام القاضي الجنائي والرقابة القضائية على سلامة استخلاص الاعتراف و سلامة تقديره.
وختمنا عرضنا هذا بخاتمة ضمنها أهم الملاحظات و الاستنتاجات التي توصلنا إليها من خلال هذه الدراسة مغلقين باب العرض بمجموعة من الاقتراحات التي نراه جديرة بالأخذ بها من أجل تحقيق عدالة جنائية منصفة لجميع أطراف الدعوى العمومية .
المبحث الأول : الأحكام العامة للاعتراف في الإثبات الجنائي
المطلب الأول: ماهية الاعتراف في المادة الجنائية
الفقرة الأولى : مفهوم الاعتراف وتمييزه عن المفاهيم المشابهة له
الفقرة الثانية : شروط صحة الاعتراف
المطلب الثاني : أنواع الاعتراف وضماناته
الفقرة الأولى : أنواع الاعتراف
الفقرة الثانية: الضمانات المتعلقة بالاعتراف
المبحث الثاني : حجية الاعتراف والرقابة القضائية على سلامية تقدير الاعتراف
المطلب الأول: حجية الاعتراف أمام القضاء الجنائي
الفقرة الأولى : حجية الاعتراف غير القضائي
فما حجية الاعتراف المضمن في محاضر البحث التمهيدي؟
وهو التساؤل الذي سنحاول الإجابة عليه من خلال التطرق إلى حجية الاعتراف المضمن في محاضر لا يمكن إثبات عكسها إلا عن طريق الطعن فيها بالزور(1) ثم حجية الاعتراف المضمن في محاضر يمكن إثبات عكس ما ورد فيها(2) وأخيرا التطرق إلى حجية الاعتراف المضمن في محاضر تعتبر مجرد بيانات(3) جاء فيها » إذا نص قانون خاص على أنه لا يمكن الطعن في مضمون بعض المحاضر أو التقارير إلا بالزور فلا يمكن – تحت طائلة البطلان – إثبات عكسها بغير هذه الوسيلة. »
ومن النصوص الخاصة التي أشارت إلى الموظفين و الأعوان بالإدارات والمرافق العمومية الذين لا يمكن أن يطعن في محاضرهم إلا بالزور المادة 242 من مدونة الجمارك1.
كذلك محاضر أعوان إدارة المياه والغابات. وهو ما أكده المجلس الأعلى – محكمة النقض حاليا- في القرار عدد 333 بتاريخ 5/2/1962 في القضية عدد 94172. بتأكيد هذه الحجية لصعوبة الإثبات في الميدان الجمركي و الغابوي بوسائل أخرى كالشهادة و القرائن والاعتراف.
بناء على ما سبق يتبين أنه لا يمكن الطعن في مصداقية ما ورد في هذه المحاضر إلا باللجوء إلى مسطرة الإدعاء بالزور المنصوص عليها في المواد 575 إلى 587 من قانون المسطرة الجنائية.
تجدر الإشارة إلى أن المحاضر المشار إليها لا تكتسب تلك الحجية المطلقة على ثبوت ما ورد فيها، إلا إذا كانت مستوفية للشكل القانوني وفق مقتضيات المادة 289 من قانون المسطرة الجنائية التي تنص على أنه » لا يعتد بالمحاضر و التقارير التي يحررها ضباط وأعوان الشرطة القضائية إلا إذا كانت صحيحة في الشكل وضمن فيها محررها وهو يمارس مهام وظيفته ما عاينه أو تلقاه شخصيا في مجال اختصاصه. »
بناء على ما تقدم بيانه، فإن الحجية التي أضفاها المشرع على هذا النوع من المحاضر ترجع إلى صعوبة إثبات هذه الجرائم بوسائل الإثبات الأخرى كالاعتراف والقرائن وغيرها، كما أنها لا تترك أي أثر يمكن أن يستدل به على مرتكبها، علاوة على أن المشرع أراد أن يتفادى الطعن في هذه المحاضر بالطرق السهلة، الأمر الذي يؤدي إلى فقدان قيمتها كوسيلة إثبات صادرة عن موظف موثوق فيه غير أن هذه الحجية تشكل مساسا بحقوق وحرية المتهم، ذلك أن استبعاد الاعتراف المنسوب إليه يستلزم ربح دعوى الطعن بالزور.
فكيف للمتهم أن يثبت عدم صدور هذا الاعتراف المنسوب إليه خلال مرحلة البحث التمهيدي التي تتميز بطابع من السرية؟
فأمام صعوبة إثبات عكس ما ورد في المحضر من اعتراف عن طريق الطعن بالزور ،فلا يبقى أمام المتهم إلا إقناع القاضي بعدم صحة مضمون الاعتراف وهذا أمر في غاية الصعوبة لما لهذه المحاضر من تأثير على قناعة القاضي.
وتبعا لذلك فإنه يتبين عدم جدوى بقاء هذه الحجية المطلقة التي يتمتع بها هذا النوع من المحاضر التي تستلزم الطعن بالزور لإثبات ما يخالفها في التشريع الجنائي المغربي.
2-حجية الاعتراف المضمن في محاضر يمكن إثبات عكس ما ورد فيها
نص المشرع المغربي على هذا النوع من المحاضر في المادة 290 من قانون المسطرة الجنائية بقوله « المحاضر والتقارير التي يحررها ضباط الشرطة القضائية في شأن التثبت من الجنح و المخالفات يوثق بمضمنها إلى أن يثبت العكس بأي وسيلة من وسائل الإثبات. »
وتبعا لذلك حتى يكتسب المحضر الحجية المحددة في النص أعلاه، يتعين أن يكون المحضر محررا من طرف ضباط الشرطة القضائية أثناء أدائه لوظيفته و في حدود اختصاصه وأن يستوفي الشروط الشكلية التي حددتها المادة 24 من قانون المسطرة الجنائية.
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع لم يحدد وسائل أو طرق إثبات ما يخالف ما جاء في المحضر، وبالتالي فإن إثبات عكس ما ورد في هذا النوع من المحاضر يمكن ان يكون بأية وسيلة من وسائل الإثبات الأخرى كالشهادة و الخبرة وغيرها.
هذا ما استقر عليه الاجتهاد القضائي بالمجلس الأعلى على اعتبار أن هذه الوسائل كلها متساوية من حيث القيمة الثبوتية في الجنح و المخالفات، والتي تقيد القاضي في الحدود القانونية من حيث حجيتها، إذ يمكن للمحكمة أن تستمع إلى الشهود أو اعتماد قرائن قوية كالتناقضات الواردة بالمحاضر في مختلف أجزائها، أو في حالة وجود محاضر متعددة، إذا كان هناك تعارض في محتواها أو أن تقرر إجراء خبرة.
وذلك ما أكده المجلس الأعلى في قرار عدد 59 بتاريخ 9/6/1969 الذي جاء فيه » لم يحدد القانون نوعية الحجج التي يكون من شأنها أن تعارض مضمن محاضر ضباط الشرطة القضائيةغير أن السؤال المثار في هذا الجانب يتعلق بمدى كفاية الاعتراف الصادر من المتهم في محاضر الجنح و المخالفات أمام ضباط الشرطة القضائية للحكم بالإدانة من عدمه، إذ أنكر المتهم هذا الاعتراف أمام هيئة المحكمة؟
إن اجتهادات محكمة النقض في هذا الجانب لم تستقر على موقف واحد، بين اتجاه يذهب إلى إخضاع الاعتراف الوارد في هذا النوع من المحاضر للسلطة التقديرية للقاضي ولا رقابة عليه، و اتجاه آخر يرى إخضاع السلطة التقديرية لقاضي الموضوع في تقدير قيمة الاعترافالوارد في المحضر لرقابة محكمة النقض.
إن هذا التضارب في قرارات محكمة النقض بشأن حجية محاضر الجنح و المخالفات جعل محاكم الموضوع تعتمد في مناسبات الاعترافات الواردة في محاضر الشرطة القضائية للحكم بالإدانة.
ويذهب الأستاذ محمد بازي إلى أن إضفاء المشرع هذه الحجية على محاضر الجنح و المخالفات هو هدر لقرينة البراءة، التي تفترض في الإنسان البراءة، فإلزام المتهم بإثبات عكس ما ورد في المحضر هو حكم سابق عليه بأنه مدان إلى أن يثبت براءته ، وقلما يستطيع المتهم أن يثبت مضمن المحضر. إذ حبذا لو تدخل المشرع المغربي وقصر نطاق الحجية على محاضر المخالفات دون الجنح أسوه بالتشريع الفرنسي و المغربي.
3- حجية الاعتراف المضمن في محاضر تعتبر مجرد بيانات
نص المشرع على هذا النوع من المحاضر في المادة 291 من قانون المسطرة الجنائية التي جاء فيها » لا يعتبر ما عدا ذلك من المحاضر أو التقارير إلا بمجرد معلومات ».
وبمفهوم المخالفة لهذه المادة فإنه عدا النوعين المنصوص عليهما في المادتين 290 و292 والتي سبق الحديث عن قوتهما الثبوتية المطلقة والنسبية والتي تتعلق بالجنح والمخالفات ، فإن باقي المحاضر تعتبر مجرد معلومات، وأهمها المحاضر المحررة في الجنايات نظرا لما يكتنف هذه الأخيرة من غموض وتعقيد، كما أن وضع المتهم يقتضي مرونة أكثر ونظام إثبات وجداني يترك للقاضي سلطة واسعة لتقدير قيمة ماوار بالمحاضر والحجج المعروضة عليه ،فبذلك يكون الإثبات في الجنايات قضائيا.
وهو ما أكده المجلس الأعلى في قراره عدد 305 بتاريخ 25/12/1963 بقوله » إذا تضمن محضر الشرطة اعتراف المتهم فإن لقضاة الموضوع سلطة كاملة ليقدروا قيمة الاعتراف حسب الظروف التي أحاطت به .وإذا انتهى بهم هذا التقرير إلى الحكم ببراءة المتهم لا يكون عملهم هذا خرقا لما لمحضر الشرطة من حجية ما داموا لم ينكروا قيمته ».
وجاء في حكم آخر لاستئنافية الرباط على أن اعتراف المتهم بمحضر الضابطة بالقتل عمدا مع سبق الإسرار و الترصد يعتبر مجرد بيان تستأنس به المحكمة فقط خاصة وأن المحضر غير معزز بقرائن قوية ، ومشوب بالتناقض فضلا عن إنكار المتهم أمام السيد قاضي التحقيق و هيئة الحكم الشيء الذي سيتوجب الحكم ببراءته لفائدة الشك.
ثانيا: موقف الفقه والقضاء من حجية الاعتراف التمهيدي
إذا كان النظام اللاتيني و في مقدمته القانون الفرنسي بناء على السلطة التقديرية للقاضي ،و التي قد يطمئن من خلالها هذا الأخير إلى اعتراف غير قضائي صادر أمام الشرطة القضائية ،فإن النظام الأنجلوسكسوني لا يقبل الاعتراف غير القضائي، إذ يلتزم القاضي الجنائي بداية بسؤال المعترف فيما إذا كان مذنبا من عدمه، فإن اعترف عد ذلك دليلا ضده، وإن أنكر صدور هذا الاعتراف عنه، فلا يحق للقاضي الاعتداد به، و من القوانين العربية التي تنحوا هذا الاتجاه القانون السوداني الذي يلزم ضابط الشرطة القضائية إذا ما اعترف المتهم أمامه أن يأخذه إلىالقاضي حتى يحرر اعترافه بنفسه، حتى يتمكن من الأخذ بهذا الاعتراف كدليل ضده .
فالاعتراف التمهيدي الذي يثار حوله الإشكالات في هذا الباب هو الاعتراف المجرد غير المعزز بأدلة أو قرائن، و الذي تجمع عليه أغلب القوانين على عدم الاعتداد به وحده للحكم بالإدانة. هذا الاتجاه تبناه الفقه الفرنسي إذ اعتبره دليل تحيط به الشبهات، يحتاج إلى دعم من سائر الأدلة المطروحة في الدعوى للتأكيد من مطابقته للواقع، على خلاف بعض التشريعات العربية.
أما المشرع المغربي فهو لم يخص الاعتراف بصفة عامة بحجية خاصة، بل أخضعه للسلطة التقديرية للقاضي الجنائي كغيره من وسائل الإثبات الأخرى (المادة 293 من ق.م.ج).
في هذا الصدد يرى الأستاذ أحمد الخمليشي أن الاعتراف غير القضائي لا يكفي وحده للإدانة إن تراجع عنه المتهم أمام المحكمة، إذ لا بد من البحث عن وسائل إثبات أخرى لتعزيزه.
أما على المستوى القضائي، فنلاحظ أن موقف القضاء المغربي سواء محكمة النقض- المجلس الأعلى سابقا- ، أو محاكم الموضوع غير مستقرة على موقف موحد بشأن الاعتراف التمهيدي، تارة تذهب إلى أنه يكفي لإدانة المتهم، و تارة أخرى تؤكد على أن الاعتراف التمهيدي لا يمكن أن يخلق وحده القناعة بثبوت التهمة في حق المعترف لدى القاضي الجنائي، إذ لابد من تعزيزه بوسائل إثبات إضافية .
بخصوص الاتجاه الأول المؤيد للأخذ بالاعتراف التمهيدي وحده للإدانة. ذهب المجلس الأعلى – محكمة النقض حاليا – إلى أن » محكمة الجنايات قد طبقت تطبيقا سليما، عندما ارتكزت على اعتراف المتهم المسجل بمحضر الشرطة، الذي اقتنعت المحكمة بما جاء فيه لأنما حواه من اعترافات يخضع لتقدير قضاة الموضوع في حدود سلطتهم المطلقة1 هذا الاتجاه أكده المجلس الأعلى في قرار آخر2 » للمحكمة أن تأخذ باعتراف المتهم في محضر البحث التمهيدي وإن تراجع عنه ولو لم يكن في حالة تلبس.وفي قرار آخر صدر سنة 32014 والذي أكدت من خلاله أيضا محكمة النقض هذا
الاتجاه، حيث أن الاعتراف بصفة عامة وإن كان مضمنا بمحضر الضابطة القضائية و متعلقا بجناية فإنه يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة… و المحكمة لما أدانت الطاعن من اجل جناية تعدد السرقة الموصوفة و محاولتها اعتمادا على اعترافه التمهيدي أمام الضابطة القضائية والذي يعد وسيلة إثبات قائمة بذاتها … مما يكون معه القرار معللا والوسيلة على غير أساس.
وفي قرار آخر4 تكون محكمة الموضوع قد طبقت القانون تطبيقا سليما عندما ارتكزت على اعتراف المتهم بمحضر الشرطة الذي اقتنعت المحكمة بما جاء فيه.
كما سارت محاكم الموضوع على هذا النهج في كثير من القضايا، إذ تكتفي بالاعتراف وحده لإدانة الأضناء. ففي ذلك ذهبت محكمة الاستئناف بمراكش5 على أن إنكار المتهم أمام هيأة المحكمة تكذبه تصريحاته لدى الضابطة القضائية مما تكون معه محكمة الدرجة الأولى قد صادفت الصواب حين قضت بإدانته ويتعين بالتالي الأخذ به وتأييده. كذلك ذهبت ابتدائية الرباط إلى أن إنكار المتهم بعد مثوله أمام المحكمة لا يمكن أن يقوم دليلا …. لاستبعاد اعترافه المضمن بمحضر صحيح من حيث الشكل. وحيث حصل للمحكمةالاقتناع الصميم بارتكاب المتهم لما نسب إليه فيجب إدانته.
وفي قرار آخر صدر سنة 2012 عن محكمة الاستئناف بورزازات جاء فيه » استنادا إلى تصريحات المتهم التمهيدية فإن المحكمة اقتنعت بثبوت التهمة المؤاخذ أجلها المتهم ابتدائيا ثبوتا قطعيا بكافة عناصره التكوينية ».وعلى عكس هذا الاتجاه، صدرت قرارات أخرى عن محكمة النقض ترفض الأخذ بالاعتراف التمهيدي لإدانة المتهم دون تعزيزه بقرائن وأدلة أخرى. ففي قرار قضى على أنه إذا ثبت أمام المحكمة وجود اعتراف المتهم في محضر البحث التمهيدي بالفعل الجنائي المتابع من أجله، وكان الاعتراف قد تجدد أما النيابة العامة، و تعزز بشهادة الشهود وبضبط الجاني في حالة تلبس، فإن تقديرها لا يخضع لرقابة المجلس الأعلى.
و في قرار آخر ذهب إلى أنه » لا يكفي محضر الضابطة القضائية وحده للإدانة في السرقة الموصوفة ما لم يعزز بقرائن أخرى ».هذا الاتجاه هو الآخر أكدته محاكم الموضوع، ففي قرار لاستئنافية ورزازات الصادربتاريخ 11/11/2000 والذي جاء فيه » حيث أنه أمام إنكار المتهم أمام هذه المحكمة وعند استنطاقه من طرف السيد الوكيل العام للملك وعدم وجود أي دليل فإنه لا يمكن الاعتماد على تصريحاته المدونة بمحضر الضابطة القضائية وحده للقول بثبوت الجناية المتابع بها في حقه ذلك أن محاضر الضابطة القضائية تعد في الجنايات معلومات… » وتقييم موقف القانون المغربي من حيث حجية الاعترافات التمهيدية.اذا كتنت قواعد الإثبات المعول بها في النظام الجنائي المغربي هي قواعد الإثبات الوجداني – نظام الإثبات الحر- .
وإذا كانت حجية الاعتراف بصفة عامة هي قيمة ووزن الاعتراف في تكوين قناعة القاضي.
وإذا كان الاعتراف غير القضائي وخاصة الاعتراف التمهيدي الذي لا تعززه أية قرينة لا يعتبر وسيلة إثبات للإدانة كأصل وقاعدة تأخذ به جل الأنظمة القانونية. ولما المشرع المغربي ينص صراحة على أن بناء الأحكام والقرارات يتعين أن يكون على أساس من اليقين، ووفق المناقشات القائمة شفهيا وحضوريا أمام المحكمة (المادة 287 من ق.م.ج)
وأمام التضارب القضائي إن على مستوى محكمة النقض كأعلى هيئة قضائية بالمغرب ،وإن على مستوى محاكم الموضوع بشأن حجية الاعترافات المدلى بها في مرحلة البحث التمهيدي، فإن الاتجاه الذي يستحق التأييد هو ذلك الاتجاه القائل بأن الاعترافات الواردة في الشرطة القضائية يتعين أن تبقى مجرد بيانات ومعلومات على سبيل الاستئناس للمحكمة في المادة الجنائية لاعتبارات تتعلق بحجم الضمانات وطبيعة الإطار الذي يطغى عليه طابع من السرية والذي تتم فيه هذه الاعترافات . وبالنظر كذلك إلى الحجية التي أصبغ بها بعض محاضر الشرطة القضائية والتي في الغالب يصعب إثبات عكس ما ورد فيها، وما تشكله هذه المحاضر في تكوين قناعة القاضي في عدد من القضايا. وما لذلك من مساس بحقوق وضمانات الماثل أمام المحكمة.
إن مرحلة البحث التمهيدي وما تعرفه من نقاشات على مستوى حجم الضمانات التي ينص عليها المشرع ، وما تشكله هذه المرحلة في القضايا الجنائية في بلادنا، جعلت المشرع يأخذ بمجموعة الحقوق والضمانات ضمانا للمحاكمة العادلة.
وتنفيذا للالتزامات الدولة في مجال حقوق الإنسان في مسودة مشروع قانون المسطرةالجنائية وذلك من قبيل الاتصال بمحامي الموقوف ابتداء من الساعة الأولى من الإيقاف لما لذلكمن آثار على مستوى التصريحات التي تكون بكل أريحية ودون ضغط أو إكراه، بل له الحق في التزام الصمت المادة 66 .وكذلك إمكانية تسجيل الاستنطاق بالصوت والصورة لتلافي الاعترافات التي قد تصدر تحت وطأة التعذيب والإكراه.
إجمالا، إن الاعترافات التمهيدية لا ينبغي أن تشكل أساسا للحكم بالإدانة تحت أي تعليل ،أسوة بالقضاء الأنجلوسكوني في هذا الباب والذي يرفض أي اعتراف تمهيدي ينكره المتهم أمام هيئة الحكم.
الفقرة الثانية : حجية الاعتراف القضائي
أولا: سلطة القاضي في تقدير الاعتراف
قد تتوفر شروط صحة الاعتراف ومع ذلك يكون غير مطابق للحقيقة، فعملا بمبدأ الاقتناع الشخصي للقاضي الجنائي في تكوين عقيدته فإن لهذا الأخير الحرية الكاملة في تقدير قيمة الاعتراف، وله أن يعتمد على اعتراف المتهم في أي مرحلة من مراحل الدعوى الجنائية، متى اطمأن إلا أنه يمثل الواقع ورغم تراجعه عن اعترافه أثناء المحاكمة، كما يمكن له أن يستبعده حتى ولو صدر منه أثناء المحاكمة فيتجرد الاعتراف من قيمته كدليل للإثبات .
ولكن القاضي وهو بصدد تكوين قناعته من الاعتراف لا بد له من مناقشة المتهم فيه تطبيقا للمادة 287 من ق.م.ج التي تفرض على القاضي بناء مقرره على حجج عرضت أثناء الإجراءات ونوقشت شفويا وحضوريا أمامه، بحيث لا تكفي منه الإشارة إلى مجرد حصول الاعتراف أو مجرد الشك في مصداقيته لبناء حكمه في هذا الاتجاه او ذاك تحججا بكون مسألةالاقتناع بالحجة أيا كانت مسألة موضوع لا يخضع فيها القاضي لرقابة المجلس الأعلى، وذلكولو أن مسألة الاقتناع بالحجة من عدمها هي كذلك، فإن استخلاص هذا الاقتناع يقتضي تعليل الحكم الذي تفيد فيه مناقشة المعترف في اعترافه لكشف صدقه من كذبه ليتأتى بذلك للقاضي الأخذ به أو رفضه.
فمبدأ الاقتناع القضائي يعطي للقاضي الجنائي كامل الحرية في تكوين عقيدته وبناء حكمه على ما طرح أمامه من أدلة في الجلسة. وقد ذهب القضاء المغربي إلى أن اعتراف المتهم بالمحضر يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة، فمحكمة الجنايات تطبق القانون وترتكز على اعتراف المتهم المسجل بمحضر الشرطة الذي اقتنعت به المحكمة لما تضمنه من اعترافات ويخضع تقديره لقضاة الموضوع في حدود سلطتهم المطلقة.
فالقيمة الإثباتية للاعتراف ترتبط بمدى اطمئنان المحكمة به و مدى قناعة القاضي بصحته ،فإن القاضي لا يسلم بالاعتراف كباقي وسائل الإثبات الأخرى إلا إذا ظهر له أنه يكشف عن الحقيقة ولا يضلل العدالة.
وتقدير الاعتراف هو من المسائل الموضوعية التي ينفرد بها القاضي و لا رقابة عليه في ذلك من المجلس الأعلى.
فمن خلال مقتضيات المادة 287 من ق.م.ج والتي تنص على ما يلي: » لا يمكن للمحكمة أن تبني مقررها إلا على حجج عرضت أثناء الجلسة ونوقشت شفهيا وحضوريا أمامها. »
فالمشرع قدر أن هناك سلطة تقديرية للقاضي إلا أنه مع ذلك وتطبيقا لهذا النص هو ملزمببناء مقرره على حجج عرضت أثناء الإجراءات و نوقشت شفويا و حضوريا أمامه، أو بمفهومآخر هو ملزم بتعليل القرار الذي وصل إليه كيف تكونت القناعة لديه يصدق الاعتراف أو كذبه ،و الأخذ به في الإدانة أو عدم الأخذ به و استبعاده.
ثانيا: تجزئة الاعتراف
أخذ المشرع المغربي بمبدأ حرية القاضي الجنائي في الاقتناع، وذلك خلافا للقاضي المدني الذي يتقيد في الإثبات بأدلة معينة.
ونتيجة لذلك، فإن خلافا لما هو مقرر في المادة المدنية وهو عدم جواز تجزئة الإقرار طبقا للفصل 414 من ظ.ل.ع الذي ينص على أنه » لا يجوز تجزئة الإقرار ضد صاحبه »…
فالاعتراف في المادة الجنائية يقبل التجزئة وهو أمر متروك لسلطة القاضي في تقديره ،ويعتبر الإقرار المدني حجة على المقر ودليل قانوني لا يمكن للقاضي المدني حق مناقشته بل يجب أن يأخذ به و يحكم بمقتضاه، أما الاعتراف الجنائي فإنه لا يخرج عن كونه عنصرا من عناصر الإثبات التي لا يملك القاضي الجنائي كامل الحرية في تقدير حجيتها، فله أن يأخذ بما يطمئن إليه في الاعتراف و يطرح عداه، فإن اعتراف المتهم بأنه ارتكب جناية القتل العمد دون أن يتوفر لديه سبق الإصرار كان للمحكمة أن تعتد باعترافه بالنسبة للقتل العمد دون ظرف سبق الإصرار، فإن اقتنعت بسبق الإصرار كان لها أن تدين المتهم بالقتل العمد مع سبق الإصرار بناء على اعترافه بالقتل وبناء على اقتناعها من دليل آخر بالنسبة لسبق الإصرار كذلك إذا اعترف المتهم بارتكابه جريمة القتل وهو في حالة دفاع شرعي فإنه يجوز للمحكمة أن تأخذ باعترافه فيما يتعلق بالقتل ثم البحث في توافر حالة الدفاع الشرعي فإن ثبت لها عدم توافرها قضت بإدانته.
ولقضاة الموضوع كامل السلطة في تقدير قيمة الاعتراف الصادر عن المتهم من حقهم أنيأخذوا بجميع ما ورد فيه أو ببضعه في حدود ما يطمئنون إلى صدقه و لا ترد عليهم قاعدة عدمتجزئة الإقرار، والاعتراف بتسليم الوديعة لا يشكل في حد ذاته جريمة.
فالاعتراف في المادة الزجرية ولو كان هو الدليل الوحيد في النازلة فإنه يمكن تجزئته ،والمحكمة تضع يدها على القضية كواقعة وليس كوصف مما يجعل تكييف الوقائع من طرف النيابة العامة غير ملزم بالمحكمة.
المطلب الثاني : الرقابة القضائية على سلامة تقدير الاعتراف
الفقرة الأولى : مفهوم وأهمية الرقابة القضائية على سلامة الإجراءات وتقدير الاعتراف غير القضائي
الفقرة الثانية: وسائل و مجالات الرقابة القضائية على سلامة وتقدير الاعتراف
خاتمة :
لذلك فقد سرنا بالبحث على النحو الذي يظهر الأحكام العامة للاعتراف من حيث تعريفه وأنواعه دون أن نهمل الضمانات التي يتمتع بها الأشخاص في جميع مراحل الدعوى العمومية حتى يكون الاعتراف المتحصل عليه مستوفيا لشروط الاعتداد به كوسيلة من وسائل الإثبات ،لننتقل إلى تحديد حجية الاعتراف –بنوعيه- وقوته الثبوتية على ضوء العمل القضائي لمحاكم الموضوع و اجتهادات محكمة النقض – المجلس الأعلى سابقا – التي تبسط رقابتها على سلامة إجراءات وتقدير الاعتراف المستند عليه في الحكم القاضي بالإدانة من خلال مراقبة الأسباب و التعليل.
كل هذه المحاور اعتمدنا خلالها على التشريع الوطني متمثلا في الدستور المغربي وقانون المسطرة الجنائية مع بعض القوانين المقارنة والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالموضوع.
وقد حاولنا استحضار بعض المقتضيات الجديدة المتعلقة بالاعتراف ومنع التعذيب من خلال مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية، وخلصنا من خلال ذلك إلى مجموعة من الاستنتاجات أهمها:
+ المشرع المغربي لم يورد تعريف للاعتراف.
+ النصوص القانونية المنظمة للاعتراف قليلة وغير مرتبة في باب واحد، وغير كافية بالقدر المطلوب بما يتماشى مع خطورة هذا الدليل.
+ عدم تشدد القضاء المغربي في التأكد من مدى توافر الشروط المتعلقة بالاعتراف.
وبناء على هذه الاستنتاجات فإننا نقترح مجموعة من الاقتراحات وهي كالتالي:
+ الإسراع بالمصادقة على مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية مع الإبقاء على المقتضيات الجديدة المتعلقة بالاعتراف.
+ إدخال التعديل المتعلق بضرورة حضور المحامي للاستنطاق في مرحلة البحث التمهيدي.
+ ضرورة تدخل المشرع والتنصيص على البطلان الصريح للاعتراف المت حصل عليه بطريقة غير شرعية ودون احترام مقتضيات قانون المسطرة الجنائية.
+ ضرورة توحيد الاجتهاد القضائي.
+ ضرورة تخصص القضاة في المادة الجنائية ضمانا لجودة الأحكام.
+ ضرورة التنصيص على اعتبار الاعتراف أمام الجهات غير القضائية مجرد بيان.
+ ضرورة التنصيص على حضور المحامي مع المشتبه فيه قبل بدء الاستنطاق مع السماح له بحضور جميع أطوار الاستنطاق تحت طائلة البطلان.
و ختاما يحق لنا التساؤل عن آفاق ومستقبل الاقتناع الوجداني للقاضي الجنائي أمام حجية الاعتراف المتحصل عليه عن طريق استعمال التكنولوجيا الحديثة ؟
Laisser un commentaire